لو تحدث الناس فقط فيما يعلمون .. لساد الصمت العالم "برنارشو"

الجمعة، 22 أبريل 2011

حوار البلطجية ... !!


في أحد ممرات السجن إلتقيا وجها لوجه


أحدهما في ملابس السجن الزرقاء بعد أن حُكم عليه بخمس سنوات في جريمة سرقة وترويع


والآخر في ملابس الحبس الإحتياطي البيضاء ينتظر مصيرا مجهولا بعد أن أُتهم بإغتصاب وطن وسرقة شعب


-----------------------------


قال البلطجي الصغير للبلطجي الكبير :


_ أهلا نورت السجن


رد البلطجي الكبير بإشمئزاز :


_ من أنت ؟


_ أنا أحد ضحاياك


_ ضحاياي ؟!


_ نعم أنا أحد البلطجية الذين تقرأ أخبارهم في الصحف وتراهم على شاشات التلفزيون


_ وكيف تجرؤ على الحديث معي - ألا تعلم من أنا ؟


_ بل أعرفك جيدا وكيف لا وأنت الذي أتيت بي إلى هنا


_ لا أفهم


_ هذه هي المشكلة فلو كنت تفهم لما أتى كلانا إلى هنا


_ أُغرب عن وجهي فلست على إستعداد لسماع مهاتراتك


_ تلك هي مشكلتك الثانية فلو كنت سمعتني يوما لما كان كلانا قد أتى إلى هنا


_ أُدخل في الموضوع


_ أيوة كده حلو


الموضوع يا سيدي أنني أتيت إلى هنا بسببك


أتيت إلى هنا حين سرقتني وسرقت الشعب كله فلم أجد عملا يسترني ولا بيتا يأويني ولا قانونا يحميني ولا نظاما يصون كرامتي ولا نائبا محترما في برلمان غير مزور يطالب بحقوقي


كانت النتيجة الحتمية لكل ماسبق أنني إنحرفت وسرقت وبدلا من أن أحمل كتابا في يدي حملت سنجة وبدلا من لقمة عيش شريفة سرقت وروعت الناس


لكنني يا سعادة الباشا السابق بلطجي تلميذ يسرق الفُتات لأقيم أودي أنا وأمي وإخوتي سكان العشوائيات والقبور وحين أردت ترويع الناس لأسرقهم روعتهم بسنجة


أما أنتم - أساتذة البلطجة - فقد سرقتم شعبا بأكمله لتعيشوا في القصور ولبستم أفخم الثياب وركبتم أفخر السيارات ولم يتبقى لنا سوى تُك تُك أو ميكروباسا ننحشر فيه حشرا ولم تروعوا الناس بسنجة وإنما بأمن الدولة


_ هل تُحملني ذنب إجرامك وفشلك وإنحرافك ؟!


_ سيدي - لا يولد إنسان منحرف بطبيعته وإنما دفعني الفقر والحاجة للإنحراف


_ لا تحاول تبريرجرائمك فأنت في نظر القانون مجرم فأغلبية الفقراء شرفاء


_ نعم سيدي أنا مخطئ وهاأنا أُعاقب على جريمتي


لكن هل لك أن تُعلمني أنت لماذا سرقت ونهبت وظلمت وأفسدت ونافقت - وأنت لست محتاجا فقد رزقك الله المال والمنصب - فكنت سببا مباشرا في إنحرافي وكنت وراء من ماتوا من غذاء مسرطن وفي عبارة غرقت وفي قطار قد إحترق ووراء من أهينت كرامتهم أو ماتو تعذيبا في الأقسام والسجون


ياسعادة الباشا السابق إن كنت قد أخطأت أنا مرة فقد أخطأت أنت ألف مرة


إن كنت قد سرقت ملاليما فقد سرقت أنت المليارات


إن كان ضحاياي عشرة أشخاص فضحاياك ملايين البشر


--------------------------------


ترك البلطجي الكبير ذلك البلطجي الصغير وأسرع في خُطاه


كان هذا حوارا بين البلطجي الصغير"أبو سنجة" والبلطجي الكبير"أبو فضيحة"


وربما كان هذا الحوار هو العقاب الأكبر لهذا البلطجي الحقيقي


--------------------------------


ساكن القبور وساكن القصور


جمعهما في النهاية سجن واحد


فهل من مُتعظ ؟!


الخميس، 14 أبريل 2011

الطريق إلى طُره ...!!


في البداية أقول


أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته


وأقول أيضا أن الحبس الإحتياطي لا يعني الإدانة بل يعني الإتهام


وبعد الإتهام هناك إجراءات التقاضي في ثلاث درجات من المحاكم هي الجنايات والإستئناف والنقض


وبعد أن يصدر حكم النقض بالإدانة يصبح بعدها الحكم نهائيا وباتا


-------------------------------


لكن الحدث كبير


بل إنه أشبه بالحلم


فبين الحادي عشر من فبراير والثالث عشر من أبريل شهران


شهران فقط فصلا بين نمطين من الحياة


حياة القصور وحياة الزنازين


بين السيارات الفارهة وسيارة الترحيلات


بين من يتأنقون أمام الكاميرات وبين من يخفون وجوههم منها


بين أفخر الثياب وبين ملابس السجن البيضاء


بين العز والجبروت وبين المذلة والندم إن كان هناك ندم


بين الظلم والعدل


بين الباطل والحق


بين السلطة والمال وبين ضياع كل شئ


-------------------------------


إنه درس وعبرة لكل ظالم لديه فرصة لإصلاح نفسه والعدل بين الناس قبل فوات الأوان


-------------------------------


وإلى هؤلاء الذين فقدوا البصر والبصيرة حتى وجدوا أنفسهم في "بورتو طُرة" أقول :


مابين طرفة عين وإنتباهتها


يغير الله من حال إلى حال


واُذكرهم بذلك الأعرابي الذي رأى أمير المؤمنين نائما تحت شجرة دون حراسة فقال قولته الخالدة : عدلت فأمنت فنمت ياعمر


وأقول : هذا ليس تشفيا


فالحر لا يعرف الشماتة


لكن الحر أيضا لا يقبل إمتهان الكرامة


-------------------------------


أما الذين ماتوا غرقا في العبارة المشئومة


والذين ماتوا حرقا في قطار الصعيد


والذين ماتوا من أمراض التلوث وسوء الخدمات الصحية


والذين غرقوا وهم يهربون إلى إيطاليا يبحثون عن عمل


وإلى كل مُغترب قضى عمره بعيدا عن أهله ووطنه يبحث عن لقمة عيش شريفة لا لفقر بلده بل لأنه وطن منهوب


وإلى كل من أهينت كرامتهم في السجون أو أقسام الشرطة


ومن قبل ومن بعد إلى شهداء هذه الثورة وجرحاها وإلى ذويهم


إلي كل هؤلاء وغيرهم أقول :


يُمهل ولا يُهمل