لو تحدث الناس فقط فيما يعلمون .. لساد الصمت العالم "برنارشو"

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2009

لحظة مشاعر طاغية.. !

كانت عقارب الساعة تشير إلى الثالثة بعد الظهر ..
على طاولة في أحد الفنادق المطلة على نيل القاهرة الجميل كنت هناك ..
كنت ألبي دعوة كريمة على الغذاء من أحد الأصدقاء وزوجته ..

كان كل شيئ يسير هادئا ..
نتناول الطعام في ذلك المطعم اللبناني الشهي ونستمتع بمنظر صفحة النيل الهادئة .

حين فرغنا من طعامنا سألتهما – صديقي وزوجته – عن إبنهما الذي يعمل ويدرس في ألمانيا ..
تحدثا عنه بكل حب وفخر ولم لا وهو االإبن البار المتفوق الطموح .

فجأة .. رن جرس الهاتف المحمول
- أيوة ياحبيبي – قالتها الأم – داحنا لسه جايبين في سيرتك
- إحنا كويسين .. المهم إنت أخبارك إيه ؟
- إحنا ؟ إحنا في المطعم اللبناني في سميراميس
- آه أكلهم جميل
- لأ مش زحمة .. يعني .. الناس بدأت تيجي
- وإنت عرفت منين إنه مش زحمة ؟ هو إنت شايفنا ؟

كاد قلبي أن يتوقف حين رأيت هذة السيدة الأم وقد إتسعت عيناها فجأة بمزيج من الدهشة والرعب وإحمر وجهها ووضعت يداها على خديها وأخذت تصرخ : لأ .. لأ .. لأ
ثم قفزت فجأة من فوق مقعدها وركضت نحو ردهة الفندق العريق دون أن تنطق بكلمة واحدة !

ثلاثة إحتمالات قفزن إلى ذهني في تلك اللحظة :
هل أصابها مكروها ؟
هل سمعت خبرا غير سار من إبنها عبر الهاتف ؟
هل رأت حريقا في ردهة الفندق من زاوية رؤيتها حيث كانت تجلس ؟

لكننا لم نتوقع للحظة أنها رأت إبنها التي كانت تتحدث إليه في ألمانيا !!!

جمعهما عناق وصرخة فرحة وقبلات لفتت نظر رواد وموظفي ذلك المطعم الهادئ الراقي ..
أما أنا فلقد تحجرت الدموع في عيناي بعد أن عقدت الدهشة لساني .
قام الأب بعد لحظة دهشة وإستقبل إبنه با لقبلات .

لقد إتفق هذا الإبن مع شقيقته الصغرى المقيمة في القاهرة أن تكون هذة المفاجأة هي هدية العيد لأبويهما ..
نسقا سويا بهواتفهما المحمولة حتى وصل الإبن الأكبر إلى المطار وتأكد من أخته عن مكان تواجد أبويه ..
إستقل تاكسيا وتوجه إلى الفندق ودخل المطعم وهو يجر شنطة سفره خلفه .

كانت لحظة مشاعر طاغية لن أنساها ..
رأيتها في الحقيقة لا في في فيلم سينمائي ..

لذلك فقد وجدتها جديرة بالتسجيل.

الأحد، 20 سبتمبر 2009

النفخ في الميت ... حرام !!

أناس لا تعترف بعمرها ..
أناس لا يعترفون بحكم الزمن ..
لا يدركون أن لكل عمر جماله ..
لا يعلمون أن الجمال ليس صبغة فوق الشعر ولا شفاه منتفخة ..
يرفضون قانون الحياة ..
يريدون لعمرهم أن يتوقف عند رقم معين ..
نسوا أو تناسوا أن عمرهم الحقيقي هو ما يشعرون به لا ما يراه الآخرون .

تداعت هذه الأفكار إلى رأسي وأنا أقلب الريموت كنترول بين مسلسلات رمضان حين وجدت أن كثيرا من الممثلات قد نفخن شفاههن .. غير أن عجوزا متصابية منهن هي التي إستثارتني حتى أكتب هذه الرسالة ..
لقد فقدت هذة الممثلة النجمة إتزانها فلم تترك مكانا في وجهها إلا ونفخته ويبدوا أنها قالت للطبيب "إتوصى " فكانت التيجة أن فقدت تعابير وجهها التي هي سلاح الممثل الأول فأصبحت مسخا لا تطيق النظر إليه ..
لقد رقصت هذة "الفنانة " على السلم .. فلا النفخ والشد أعادها إلى جمال شبابها ولا هي تركت الجمال الرباني المناسب لعمرها فشوهته !

متى يتوقف الناس عن السباحة عكس التيار ؟
متى يعلم الناس أن الشباب الحقيقي هو شباب القلب ؟
متى يدرك هؤلاء الممثلون والممثلات أنهم لن يأخذوا زمانهم وزمان غيرهم ؟
متى يعلمون أن نفخ الشفاة والوجنتين – وماخفي كان أعظم – لن يعيد من العمر ما قد مضى ؟

ألا يعلمون أن النفخ في الميت .. حرام ؟!

الخميس، 17 سبتمبر 2009

الطفل الذي عالجني .. !!

أتت به أُمه إلي كي أعالجه ..كان طفلاً في الشهر السابع من عمره يعاني من سعال .كنت في هذا اليوم قد إستيقظت مهموماً بلا سبب مباشر وهي حالة تصيبنا أحياناً نتيجة إضطراب كيمياء المخ إذا لم نأخذ قسطا وافراً من النوم أو كان النوم متقطعاً .وضعت الأم طفلها على سرير الفحص .. ما أن هممت بفحصه حتى إلتقت عينانا .. نظر إلي نظرة خوف ما لبثت أن تحولت إلى نظرة إطمئنان .. إبتسمت له فضحك ضحكة جميلة لا أنساها .. إبتسمت مرة أخرى وأنا أضع السماعة على صدره الرقيق فضحك ضحكة أجمل من الأولى ثم بدأ يحرك يداه وقدماه في إبتهاج وسعادة .بدأت تسري داخلي شحنة من المشاعر السعيدة لتمسح هم ذلك الصباح .سرح فكري وأخذت أتأمل براءته .. هذا الوجه الجميل الذي لا يشعر بما حوله من مشاكل العالم ..هذا الرأس الصغير الذي لم يتلوث بالحقد والحسد والطمع والتناحر .. هاتان اليدان الناعمتان اللتان لم تسرقا أو تبطشا .. هذا اللسان الذي لا ينطق إلا بحروف أعذب من الموسيقى ولم يتحول بعد إلى آلة وماكينة للذنوب .. هاتان القدمان اللتان لم تذهبا إلى مايغضب الله ..هذا القلب الذي ينبض في رقة ولا يضمر شراً لأحد ..أفقت على سؤال الأم : خير يا دكتور طمني .طمأنتها ووصفت له العلاج .ودعتهما بابتسامة وإنصرفا .قلت لنفسي .. تُرى من منا عالج الآخر ؟هل عالجت أنا هذا الطفل من السعال ؟أم هذه الضحكة البريئة الرائعة هي التي أيقظت الطفل الذي في داخلي فأذهبت همي ؟شكراً أيها الطبيب الصغير

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

هل تستتطيع السير إلى الأسكندرية ؟

هل تعلم أنك لو عشت حتى الخامسة والسبعين – أطال الله أعماركم جميعا – فإنك تكون قد :

تنفست 709 مليون مرة
دق قلبك 2 مليار و956 مرة
أكلت 20 طنا و531 كيلوجراما من المواد الغذائية من بينها 98000 رغيف خبز
شربت 54000 لترا من الماء والسوائل
نمت 19,1625 ساعة أي ما يعادل حوالي 22 عاما
بلغ وزن ما أخرجه الجسم من فضلات 9 أطنان و581 كيلوجراما
بلغت كمية البول 42 ألف لتر
بلغ طول الشعر المقصوص عند الرجال 6 أمتار و30 سنتيمترا
بلغ طول الأظافر المقصوصة 3 أمتار و 15 سنتيمترا
بلغ عدد ما نطقت به حوالي 232 مليار كلمة
بلغ عدد ساعات ماشاهدته على التلفاز 54000 ساعة
مقدار ما مشيت سيرا على الأقدام 13687 كيلومترا أي المسافة بين القاهرة والاسكندرية 65 مرة

ملاحظة : راعيت عند حساب هذة المعدلات الحد الأدنى وليس الأقصي .. على سبيل المثال مشاهدة التلفزيون ساعتين يوميا فقط

تأملوا هذة الأرقام وقولوا سبحان الله .

كل عام وأنتم بخير .

الاثنين، 14 سبتمبر 2009

عام مضي .. على هذه المدونة

يمر هذا الأسبوع وتحديدا في الثامن عشر من سبتمبر الجاري عام على إنطلاق هذة المدونة ..
كانت الحصيلة خلال العام الاول هي 63 رسالة بعثت بها إليكم فكان ردكم الجميل 222 تعليقا أعتز بهم جميعا سواء من أعجبهم ماكتبت فكان تعليقهم تشجيعا أو من إختلفوا مع بعض ما كتبت فكان ردهم إثراءا لأفكاري ..
المهم هو هذا التواصل الجميل مع أناس لا أعرفهم أو أرهم من قبل وإنما كان اللقاء على فنجان شاي وأرجو أن يستمر تواصلهم .

كانت البداية قبل عام في الثانية من صباح الثامن عشر من سبتمبر 2008 وكنت أتهيئ للنوم إستعدادا لسفر طويل عصر نفس اليوم حين فاجأتني إبنتي العزيزة في نهاية نقاش طويل حول قضية إجتماعية كان التلفزىون يعرضها – فاجأتني حين قالت :
بابا .. لماذا لا تكتب ؟
سألتها : وماذا أكتب ؟
قالت : اكتب آراءك وأفكارك .. لقد عودتنا أن نناقش كل شئ كأصدقاء وعلمتنا حرية التعبير دون تجريح لأحد .. لماذا لا تتواصل مع الآخرين ؟
قلت : تعودت منذ صباي أن أكتب خواطري وتأملاتي وأحتفظ بها لنفسي .. ما تطلبينه الآن لا أعرف له وسيلة فلم أفكر يوما أن أقف أمام صحيفة أو دار نشر ..
ضحكت وقالت ..تستطيع أن تنشر ما تريد خلال دقائق معدودات ..
في لحظات قليلة كانت قد أنشأت هذة المدونة التى تركت لي فقط إختيار إسمها .

شكرا إبنتي العزيزة صاحبة الفضل الأول في إنتقالي إلى هذا العالم الواسع ..
شكرا إبنتي العزيزة التي أخرجت من داخلي خواطرا وأفكارا لم برها أحد من قبل ..
ثم الشكر كل الشكر لقارئتي الأولى وأول من يشجعني أو ينتقدني .. إنها زوجتي العزيزة التي كان تشجيعها المستمر هو وقود هذة المدونة ..
شكرا لإبني الحبيب الذي يثري أفكاري بفنه الراقي وتعليقاته الذكية .

أما الشكر الأكبر – بعد شكر الله عز وجل – فهو لهذة المجموعة الممتازة من زوار هذة المدونة الذين لا أعرفهم لكن تواصلهم وأراءهم كانت ومازالت هي الدافع لي للإستمرار .

لقد حرصت في هذة المدونة على إستخدام لغة عربية فصحى بسيطة إعتزازا مني بلغتنا التي بدأت في الإنحدار ..
وحرصت أن تكون هذة المدونة بعيدة عن التعصب والإسفاف والتجريح
وحرصت أن تتابع ما يجري في المجتمع والعالم حدثا بحدث وأن تناقش القضايا الساخنة والمزمنة بتجرد ..

ثم حرصت ألا أفرض مهنتي على القراء .. فكوني طبيبا لا يعني أن تكون مقالاتي عن الطب غير أنني أتعرض أحيانا للجانب الإنساني في حياة الطبيب حين كتبت " الطفل الذي عالجني " و " رسالة إلى من لا يشكر الله " وهما مقالتان لقيتا بفضل الله تفاعلا وإعجابا وإستحسانا لم أتوقعه .

شكرا لكم جميعا
وكل عام وأنتم بخير .

الجمعة، 4 سبتمبر 2009

القيمة الإقتصادبة .. للزائدة الدودية !!

قد يبدو العنوان غريبا ومثيرا ..
وقد يبدو مضحكا أيضا ..
وربما قال قائل : تخاريف صيام !
ولكن .. لتحكم بعد أن تقرأ .

إختلف الأطباء على الفوائد الطبية للزائدة الدودية – إن كان لها فوائد – وتعددت الأبحاث وإنتهت كلها إلى نظريات وفرضيات .

غير أن أحدا لا يستطيع إنكار الفوائد الإقتصادية لهذا الجزء الصغير الذي يقع في الجزء الأيمن السفلي من التجويف البطني والذي يسميه الناس مجازا بالمصران الأعور ..

ولنفكر سويا .. كم عملية إستئصال زائدة دودية تجري فى اليوم الواحد في البلد الواحد ..
لنضرب هذا الناتج في عدد بلدان العالم ..
ثم لنضرب هذا الناتج الجديد في خمسة : الجراح ومساعده وطبيب التخدير وممرضتين على الأقل داخل غرفة العملبات ..

ستجد أن هذه الزائدة الدودية التي لا فائدة طبية ملحوظة لها قد فتحت عبر الأزمان بيوت ملايين البشر في بلدان العالم المختلفه من أطباء وممرضبن وممرضات ومهن طبية أخرى مساعدة ..

لقد ساهمت هذه الزائدة الدودية مع غيرها من مواطن الألم الأخرى في تعليم أبنائهم وتزويج أبنائهم وبناتهم ورفع مستواهم الإجتماعي ,.

كم قصرا مشيدا في الساحل الشمالي كنت وراءه أيتها الزائدة الدودية ؟!
وكم سيارة فارهة كان إلتهابك وراء شرائها ؟!

ليست هذه تخاريف صيام ..
ولكنها نظرة فلسفية وقراءة بين السطور لما وراء الأشياء ..
حتى لو كانت هذه الأشياء .. مؤلمة !