لو تحدث الناس فقط فيما يعلمون .. لساد الصمت العالم "برنارشو"

الخميس، 28 أكتوبر 2010

وخيرهما الذي يبدأ بالسلام

سألته :

كيف حال أخيك؟

قال : لست أدري

قلت : كيف ؟ لقد زرته في المستشفى قبل أسبوعين ولم يكن في حالة جيدة

قال : فليمرض كما يشاء لا أريد أن أراه أو أسمع عنه شيئا

قلت : لكنه شقيقك !

قال : لم أره منذ عام ولا يهمني إن كان مريضا أم سليما حيا أو ميتا

ما كل هذه القسوة - أجبت

سادت لحظات من السكون أشعل خلالها سيجارة بعصبية قبل أن يجيب :

أخي هذا الذي تسألني عنه هو من رفع علي قضية أمام المحكمة بسبب الميراث وهو الذي يريد أن يستولي على حقي وحق أولادي

قلت : ربما ظن بك نفس الظن

قال : ربما ولكن الحق حق بدليل أن باقي إخوتي قد إختلفوا معه

وهل قاطعوه مثلك - سألته

أجاب : لا

----------------------

قلت له : مهما يكن يا أخي من خلاف بين الناس فهناك حلول فما بالك بأخيك الذي وُلد من نفس الرحم الذي إحتواك

يا أخي مهما إختلفتما فأنتما تحملان معا نفس إسم الأب شئت أم أبيت

يا أخي لو أن جارك مريض لوجبت عليك زيارته فما بالك بإبن أمك وأبيك !

دمعت عيناه فأكملت :

ثم أنكما ستغادران هذه الحياة في يوم معلوم فلماذا تزرعان بذرة الكراهية بين أبنائكما فتكبر معهما فلا يحصدون إلا حقدا وشرا !

قال : كفى أرجوك

قلت : لو أن أباك علم قبل وفاته أن ماله سيفرق بينكما لأحرقه

------------------- ----

نظر إلى الأرض وقد وضع رأسه بين كفيه وقال : والآن ماذا أفعل؟

قلت : إستمع لحديث رسولنا الكريم"ص" ثم إفعل ما شئت :

"لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"

تركته وفي عينيه نظرة حيرة ربما جعلته لم ينتبه لمغادرتي !

"قصة واقعية"

السبت، 16 أكتوبر 2010

أهل الكهف ..

تابعت مع الملايين حول العالم البث الحي لعملية إنقاذ ثلاثة وثلاثين رجلا من عمال المناجم في تشيلي حُبسوا على عمق ستمائة وإثنين وعشرين مترا تحت الأرض لمدة سبعين يوما

كانت العملية دقيقة ومعقدة لكنها تكللت بالنجاح

هذا النجاح لم يأت من فراغ

لكنه كان نتاج عدة عوامل :

* إرادة الحياة لدى هِؤلاء العمال الذين صمدوا في أقسى ظروف يمكن أن يواجهها بشر

* إتحاد تشيلي كلها رئيسا وحكومة وشعبا لتصبح عملية إنقاذهم قضية الوطن الأولى التي يجب أن تتوفر لها كل الإمكانات التقنية والمادية

* الإهتمام بكل التفاصيل الدقيقة وأخذ الخبرة الدولية لتجنب أي خطأ

* الأهم من كل هذا هو التحضر : فرغم ظروفهم السيئة و" إنحشارهم " في هذا المكان الضيق ولهذة الفترة الطويلة فقد كانوا متحدين ونفذوا كل التعليمات أثناء محنتهم بكل دقة

إنه التحضر أيضا الذي لم تلعب فيه الواسطة أي دور في ترتيب خروجهم بل خرجوا طبق ضوابط شارك في وضعها فريق الإنقاذ والأطباء ولم يفسدها تليفون من نائب أو وزير

- -- - - - - - - - - - - - - -- - - -

إنها تجربة قاسية ومثيرة بحق

وأكثر ما أثارني فيها هو ذلك الرجل "البطل" من عمال الإنقاذ الذي كان آخر الصاعدين إلى سطح الأرض

تخيلت كيف عاش هذه النصف ساعة الأخيرة وحيدا على هذا العمق بعد أن صعد الجميع

نُرى فيما كان يفكر وكيف كانت مشاعره وكيف عاش أهله هذة النصف ساعة التي مرت كالدهر ؟

حمدا لله الذي بعث هؤلاء إلى الحياة من جديد

إنه على كل شئ قدير

الخميس، 7 أكتوبر 2010

رأيتها ... فأبصرت !

في أحد المجمعات التجارية رأيتها

طفلة - او إن شئت قلت صبية - في حوالي العاشرة من عمرها برفقة أبيها

لفت نظري جمال وجهها وأناقة ملابسها

حين إقتربت منها وأنا أسير إكتشفت أن الله قد حباها وجها جميلا جذابا

لكنني لاحظت أيضا أنها كفيفة البصر

كان والدها ممسكا بيدها أمام إحدى محلات الملابس الشهيرة

تأملت وجهه وسرح تفكيري

هذه الطفلة التي لم تر النور بل لم تر حتى وجه والديها

ولم تستمتع بمنظر الألعاب أو ألوانها

ولم تر السماء ولا الزرع ولا البحر

ولم تتسابق مع رفيقاتها في الركض واللعب

تُري ماذا يدور بخلدها ؟

هل تملك نفس الطموح في الحياة والمستقبل والزواج ؟

ثم تأملت وجه أبيها

كان يحدثها وهو يبتسم

هل هي إبتسامة أب يحاول إسعاد إبنته بشراء ملابس جديدة لها ؟

أم أنها إبتسامة رضا بقضاء الله ؟

- - - - - - - - - - - - - - -

ثم سرح عقلي فيما هو أعمق

أخذت أفكر في أولئك الذين وهبهم الله نعمة البصر لكنهم لا يبصرون

وإذا ابصروا لا يتبصرون

أولئك الذين حباهم الله الصحة والمال والمنصب والجاه

لكنهم لا يشعرون ولا يشكرون

إلا من رحم ربي

كثيرون هم من يملكون البصر

وقليل منهم من يملك البصيرة

- - - - - - - - - - - -

إنها طفلة لا تبصر

وحين رأيتها أنا أبصرت