لو تحدث الناس فقط فيما يعلمون .. لساد الصمت العالم "برنارشو"

الجمعة، 23 يناير 2009

الموت ... عضاً !!

ماتت الأمومة في لحظة غضب ..
ماتت أقوى عاطفة وهبها الله المرأة في لحظة وماتت معها طفلة رضيعة كانت تبكي شأنها شأن كل الأطفال في عمرها وهو أمر إعتيادي تعرفه كل الأمهات بل وكل الآباء في شهور الطفل الأولى . . حاولت الأم إسكات طفلتها فلم تفلح .. لم تصبر الأم على المخلوق الوديع كما صبرت أمها عليها في طفولتها وإنما بدأت في عضها بأسنانها – أي والله بأسنانها – أكثر من مرة حتى سقطت البريئة ميتة ليس بقنابل الإسرائيليين الوحشية في غزة وإنما بأسنان أمها في بر مصر !
كان هذا ما طالعتنا به صحف القاهرة صباح الجمعة 23 يناير 2009 .

أما نفس الصحف فقد نشرت في اليوم السابق-الخميس- أن زوجاً ذهب لمصالحة زوجته "الغضبانة" في بيت والديها إلا أنها رفضت فما كان منه إلا أن إحتضن إبنته البالغة من العمر ثلاث سنوات ليقفز بها من شرفة الطابق السادس فيموتا سوياً !

كان أبطال صفحة الحوادث حتى زمن ليس ببعيد من معتادي الإجرام وكان القتل إما ثأرا أو دفاعا عن النفس أو حتى بدافع السرقة ..
لكن ليس مصادفة أبدا – وفي بلد واحد وفي فترة لا تتجاوز الثلاثة أشهر أن يقتل أستاذ في كلية الطب عاملا قبل أن يمزق جثته إرباً ويوزعها في أرجاء المدينة وأن يقتل مدرس تلميذه وأن يقتل مهندس أبناءه وزوجته بالبلطة وهم نيام خوفا عليهم من الفقر بعد أن خسر أمواله في البورصة وأن يلقى أب محتضنا إبنته بنفسه من الطابق السادس وأن تموت طفلة رضيعة .. عضاًً .

والبقية تأتي ...
نعم البقية تأتي طالما بقيت الأسباب موجودة والمسرح مهيئاً لكل أنواع الجرائم ..
لماذا ..؟
· غاب الوازع الديني وسيطرت الحياة المادية على عقول ونفوس البشر .
· ضاقت المساحة فتزاحم الناس في الشوارع والأزقة والمدارس والمستشفيات وتوحشت الكتل الخرسانية حتى حجبت الهواء وقتلت الهدوء فلم يعد أحدٌ يتحمل أحدا وأصبحت العصبية والعنف من أهم سمات سمات المجتمع .
· إنعدمت القدوة وغاب المثل الأعلى في المنزل والمدرسة : في المنزل لغياب الأب بحثا عن الرزق خارج البلاد أو في أكثر من وظيفة داخلها وغياب الأم في عمل لم يعد ترفا أو رفاهية في ظل أزمة إقتصادية طاحنة ... اما المدرس فكيف يكون قدوة وقد إشتراه التلاميذ بأموالهم بعد أن حلت دكاكين الدروس الخصوصية محل المدارس .
· لا توجد برامج مدروسة في مراكز البحث وفي الجامعات والوزارات المختصة لدراسة هذه الظواهر الجديدة على مجتمعنا للوصول إلى الأمن الإجتماعي بدلا من التركيز فقط على الأمن السياسي أو الجنائي .
· بطئ إجراءات التقاضي مما يفقد القانون قوة الردع .. فالحكم في هذه القضايا يصدر بعد سنوات حين يكون الناس قد نسوا القضية من الأساس .

خاتمة القول.... اللهم ألطف بنا .

السبت، 17 يناير 2009

عقوبته الحقيقية .. أنه لم يمُت

عاش القاهريون ثمان وأربعين ساعة من القلق ..
طالعتهم الصحف بأنباء مقتل أسرة كاملة على يد قاتل مسخدماً البلطة أداة لجريمته .
قتل أماً وإبنها البالغ من العمر ثمانية وعشرون عاماً وإبنتها ذات الخمس وعشرين ربيعاً بينما وُجد الأب مضرجا في دمائه يصارع الموت .
حدث هذا في حي مصر الجديدة ..

إنشرت رسائل المحمول بين الأصدقاء يحذر بعضهم بعضاً .
بدأت الإحتمالات - في غياب الحقيقة – تتوالى في أذهان الناس : هل الدافع هو السرقة أم الإنتقام
بدأ الناس يفقدون الثقة في حراس الأمن على أبواب عماراتهم وفي اسوار حديدية أحاطوا بها نوافذهم وأقفال حديثة أغلقوا بها أبواب منازلهم ..
ثم إسيقظ الناس على الحقيقة بل الكارثة والمصيبة ...
القاتل هو الأب !!

قتل أبناءه وزوجته خوفا عليهم من "الفقر" بعد أن خسر مليونا من الجنيهات في البورصة ثم حاول قتل نفسه فلم يفلح .
إعترف الرجل قبل أن يأخذوه إلى غرفة العمليات .
إعترف مهندس الكمبيوتر بفعلته الشنعاء .

ظننت وأنا أقرأ الخبر في جريدة الصباح أنني ما زلت نائما أحلم ..
ما الذي جرى ويجري ؟
هل عبِد هذا الأب المال فأعماه عن عاطفة الأبوة التي زرعها الله فينا بل حتى في الحيوانات ؟
هل أصبح المال أهم من إبنة في الخامسة والعشرين قتلها وهي نائمة دون مقاومة ؟
ألا يساوي إبنه ذو الأعوام الثمان والعشرون ملايين الدنيا حتى يقتله بدم بارد من أجل خسارة في البورصة ؟
ألم يتذكر فرحته يوم ولادتهم ويوم تخرجهم وآلاف اللحظات الحلوة التي قضوها سويا قبل أن يجهز عليهما مع أمهما خشية إملاق ؟
أليست هذه التي قتلها هي رفيقة عمره وأم أبنائه ؟
هل أعمت الحياة المادية عينيه عن الحق فقتلت مشاعره قبل أن يقتل هو أسرته ؟

حفاً لقد صدق الشاعر الكبير محمد إقبال حين قال :

إذا الإيمان ضاع فلا أمان
ولا دنيا لمن لم يُحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين
فقد جعل الفناء لها قرينا

لقد عبد هذا الرجل المال فكانت هذه نهايته .
إن عقوبة هذا الرجل ليست الإعدام أو السجن المؤبد ..
عقوبته الحقيقية أنه لم يمت ..
سيظل ما بقي له من عمر معذبا محطما ً

سيظل ميتاً حتى وإن كان له قلب ينبض .

الأربعاء، 14 يناير 2009

كُن راضياً .. تنجو من التعاسة

أنعم الله عليه بالصحة والما ل والذرية ..
لكنني لم أره يوما سعيدا !
يتبوأ وظيفة يتمناها كل إنسان ..
لكنني لا أراه إلا تعيسا !

فكرت في أمره .. ما سر تعاسته وقد نال كل هذا ؟
وجدت الإجابة في كلمتين فقط : عدم الرضا .

إنه لا ينظر إلى ما بيديه وإنما إلى ما بيد ألآخرين .
كلما حقق أحد نجاحا إسود وجهه ولم يعترف بكفاءة ومجهود ومثابرة صاحب هذا النجاح وإنما أشاع بين الناس أن ذلك نتاج نفاق وتملق .
إذا رأى أحدأً يضحك من قلبه أصيب بالضجر وإمتلأ قلبه حقدا وحسداً .
إذا رأى شخصا قد أحبه الناس إستعرت النار في قلبه فلا يستطيع أن يلجم لسانه عن ذكره بكل سوء هو ليس فيه .
حقق الكثير من ماديات الحياة لكنه دائما في صراع مع النفس من أجل المزيد .

قلت له ذات يوم – وقد أشفقت عليه - :ألا تعلم أن هناك خيطا رفيعا بين المطامح والمطامع وأن طموحك إذا زاد عن قدراتك كانت النتيجة صراعا نفسيا يتحول إلى قلق فإكتئاب ثم إلى مرض نفسي ؟
نظر إلي بسخرية ثم إنصرف .

إذا راى إنساناً هادئ النفس راضيا بما قسمه الله له هاجمه وإتهمه بالخنوع .
بلغ خوف زملائه من عينيه أنهم يتوقفون عن الكلام إذا حضر خاصة إذا كانوا يباركون لأحدهم على خير قد أنعم الله به عليه .

يتعجب كل من حوله : متى يشعر بالسعادة وقد حقق كل ما حققه ؟!
قلت لهم : لم يحقق أهم شيئين .. الرضا والقناعة .
قالوا : أليس هناك حلاً لتعاسته ؟
قلت : بل هناك دواء لجميع أمراضه وأمراض أمثاله .
قالوا : دلنا عليه ..
قلت : حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
من بات آمناً في سربه مُعافاً في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا وما فيها .

صدق رسول الله .
وشفى الله كل مريض .
ووقانا الله شر الحقد والحسد حتى لا نكون كالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله .

الاثنين، 12 يناير 2009

قصة واقعية .. وجميلة

هي .. فتاة جامعية جميلة
هو .. شاب جامعي وسيم
هي .. من أسرة مصرية أصيلة زرعت الأخلاق فحصدت الأد ب والإحتشام
هو .. من أسرة مصرية أصيلة زرعت المبادئ فحصدت الخُلق والإحترام
هي .. عرفت الله حق معرفته فتعبدت ولم تتعصب وتحجبت أخلاقها قبل أن يتحجب رأسها ولم يثنها جهدها ووقتها في عملها أن تنسى عمل الخير فأقبلت متطوعة باذلة حتى إذا رجعت بيتها وجدت إبتسامة الرضا تعلو وجهها .
وهو .. فهم الدين على حقيقته .. عبادة وفرائض ومعاملات وبر والدين وصلة رحم ومشاركة في عمل الخير .

هو وهي .. تحابا في الله أولا ثم أحبا بعضهما ثانية .
إختارته بعد أن تقدم لها قبله أكثر من واحد ..
وإختارها بعد أن أدرك أن ما يربط بينهما أقوى بكثير من حب دنيوي قد يزول ..
ربط بينهما حب الله وعمل الخير وعاطفة حب وأمل في مستقبل هو في يد رب يحاولان إرضائه

تزوجا في هدوء وبلا صخب .
لم تكن حفلة العرس في أحد فنادق الدرجة الأولى وإنما في أحد مساجد القاهرة .
لم تُكلف حفلة العرس عشرات الألوف وإنما بعض الحلوي وأكواب العصائر .
لم يستغرق الفرح سبع ساعات حتى مطلع الفجربل ساعة ونصف هي كل ما إستغرقه .
لم يقفا ساعة في زفة صاخبة يتصببان عرقاً بل كان الحاضرون يزفونهم بدقات قلوبهم .
كانت تعلو وجهاهما نظرة ثقة وبريق من نور وهدوء نفس لاحظه الجميع .

لم تقف الشقة التمليك عا ئقاً أمام تمسك كل منهما بالآخر ولم يتدخل الأهل ليفسدوا هذا الرباط .
تزوجا في شقة إيجار جديد ..
تحدوا كل معوقات الزواج .. تنازلوا عن كل طقوسه وألغامه من تكاليف وإنفاق بلغ حد السفه وعن شقق وصلت أسعارها أرقاماً فلكية ...
تنازلوا عن كل هذا لكنهم لم يتنازلوا أبداً عن حسن الإختيار في الدين والخُلُق .

إذا زرتهم في بيتهم تشعر بالراحة من أول وهلة وتشعر أن الله قد بارك هذه الزيجة .

ما سردته والله ليس فيلماً سينمائياً أو مسلسلاً تلفزيونيا أو قصة حدثت في العصور الوسطى .
إنها قصة واقعية بطلاها شاب وفتاة مصريان وأسرتان جميعهم في رأيي أمثلة تُحتذى .

إختارا حياتهما بالعقل والقلب ولم ينقادا أمام تقليد أعمى ومظاهر كاذبة ..

اللهم بارك لهما .

السبت، 3 يناير 2009

اللي إختشوا ... ماتوا !!

توقفت عن الكتابة منذ أسبوع ...
شلت الصدمة عقلي فهربت الأفكار ..
عقدت الدهشة لساني فضاع كل ما برأسي ..
أحسست أن الكتابة – أية كتابة –مهما كانت بليغة و مهما كانت مشاعر من يكتبها هي صفر على الشمال بجانب ما يحدث في غزة ..

حين كانت غزة محاصرة قبل هذا العدوان البربري كنا نذرف الدموع على رضيع لا يجد الحليب وعجوز لا يجد دواءاً وإمرأة تلد على الحواجز والمعابر .
أما بعد هذا العدوان الهمجي فإننا نبكي دماً على أطفال رضع تموت بدم بارد ونساء وشيوخ قد صاروا أشلاءاً بقنابل الإف 16 المستوردة من بلاد الحضارة والتقدم !

ذنبهم الوحيد أنهم فلسطينيون ..
ذنبهم الوحيد أننا في زمن العار ..
هل يحدث هذا في القرن الحادي والعشرين ؟
أطفال رضع تُقتل والعالم كله يشاهد ويمصمص الشفاة ؟!

وأنت أيها البوش .. هل أبيت وأنت في آخر أسبوعين لك في الحكم أن تعمل عملا واحدا تمسح به ما فعلت في ثمان سنوات عجاف ولو بالصمت بدلا من تأييد المعتدي ؟
ألم يحرك بكاء هذة الأم التي تحتضن أشلاء أطفالها الثلاثة الذين مزقتهم طائراتك مشاعرك إن كان لك مشاعر؟
ولماذا نستغرب موقفك إذا كان أهل البيت أنفسهم صامتين حتى إذا نطقوا نطقوا كفرا وإستفزازا وخيبة !

وأنتم أيها الفلسطينيون الذين تدعون الآن لحوار فلسطيني لرأب الصدع ومواجهة المحنة ..
أكنتم تنتظرون هذا الثمن الباهظ لتبدأوا حواركم ؟!
والله لقد إختلطت الأوراق حتى لم نعد نعرف من المخطئ ومن المصيب

ثم يا أيها المسئولون عن الإعلام وزراءا كنتم ام أصحاب فضائيات ..
ألا تخجلون من أنفسكم وأنتم تبثون هذة الأفلام الخليعة والمسرحيات الكوميدية وبرامج رأس السنة والناس تُستشهد في غزة ؟

صحيح .. اللي إختشوا ماتوأ !!