لو تحدث الناس فقط فيما يعلمون .. لساد الصمت العالم "برنارشو"

الاثنين، 17 سبتمبر 2012

التركيبة الجينية للأستاذ صابر ..!!

الزمان : الثامنة صباحا .. أحد أيام سبتمبر2012
المكان : مرور مدينة نصر .. القاهرة
--------------------------------------
عشت عمري أكره اليوم الذي أُضطر فيه إلى التعامل مع الأجهزة الحكومية بل أظل ليلتها أفكر فيما ينتظرني غدا ..
لكن ليس هناك من مهرب فقد إنتهت رخصة القيادة ولابد من تجديدها .
إنتهيت بالأمس من الكشف الطبي الذي تم دون أن أدخل على الطبيب إذ بعد أن أعطيت الممرضة في المركز الطبي التابع للجمعية الخيرية القريبة إيصال الدفع. إختفت الممرضة لثوان ثم أتت بالشهادة موقعة ومختومة - أي والله - دون حتى أن يتأكد الدكتور "خريج كليات القمة" أنني أسير على قدماي أوأنني أسمع أم لا .. المهم تلك قصة أخرى وليست موضوعنا اليوم
غادرت المنزل مبكرا حتى أتجنب الزحام وكنت واقفا في طابور شهادات المخالفات في الثامنة صباحا .
--------------------------------------
كانت اللوحة المثبتة على الشباك تعلن أن العمل يبدأ الساعة التاسعة أي بعد ساعة
بدأت - رحمة بركبتاي -أتبادل الوقوف على قدماي وقررت أن أشغل نفسي بسماع تعليقات الأغلبية الصامتة التي تركت الكنبة -إياها -ونزلت ليس إلى ميدان التحرير وإنما إلى ميادين العذاب في المصالح الحكومية المختلفة !
كان الشباب كعادتهم منفعلين ولا يتوقفون عن إنتقاد كل شئ ..
بينما كان العواجيز مستمعين بقدر ما تسمح لهم قوة سمعهم بيما علت وجوههم إبتسامة الزمن التي تحتار فيها هل هي إبتسامة إشفاق على شباب متحمس أم إبتسامة صفراء تعبر عن اليأس وخيبة الأمل أم إبتسامة رضا ..الله أعلم
-------------------------------------
المهم .. مر الوقت بطيئا وثقيلا
إختفت نسمة الصباح وبدأ شرد القاهرة
ويبنما الأعناق مشرئبة نحو الشباك حين أصبحت الساعة التاسعة .. إذا بشاب يظهر فجأة ممسكا بأوراق ولفافة من البلاستيك اللاصق 
كانت الأوراق مكتوبة على الكمبيوتر وليس بخط اليد - إحتراما للجمهور بعد الثورة - وأخذ الشاب - الغير وسيم - يلصق الأوراق على الحائط ..
كانت الأوراق تحمل إعتذارا عن العمل اليوم بعد أن نعت إلى الجمهور الكريم السيد "سستم System" حيث أن السستم واقع !!
------------------------------------
بعد فترة من الهرج والمرج وسيل من الشتائم العامة والخاصة إختفى الشاب وترك الناس الذين مالبثواأن مروا بالمراحل المعتادة التي يمر بها الشعب المصري حين يتعرض لهكذا ضغوط وهي مراحل معتمدة على جينات وراثية لا تجدها في شعب آخر :
فبعد مرحلة من الغضب والصياح والتي غالبا ما يصاحبها إشعال أكبر كمية من السجائر في المنطقة  تبدأ مرحلة الوجوم والنظر إلى المجهول وهي مرحلة غالبا ما يصاحبها إتصالات مكثففة عبر المحمول لنقل هذه الأخبار السارة للأهل والأحباب وإعطاؤهم الفرصة أيضا للشتيمة ..
ثم تبدأ مرحلة الإستهزاء والقفشات والضحك وهو ضحك كالبكاء .. وأحيانا يصاحب هذة المرحلة نفحة إيمانية من بعض الناس كحمد الله على كل شئ " وماحدش عارف الخير فين " و"كل شئ بأوان" إلى آخره !
أما الوجوه فلا يمكن وصفها إلا بالوجوه الصابرة
صبر كصبر أيوب
حتى أنني تخيلت أن كل الموجودين إسمهم الأستاذ صابر !!!