لو تحدث الناس فقط فيما يعلمون .. لساد الصمت العالم "برنارشو"

السبت، 25 يوليو 2009

رسالة .. إلى من لا يشكر الله

من اصعب اللحظات التي يمر بها أي طبيب لحظتان :
الأولى حين يستقبل مريضا بين الحياة والموت ..
والثانية حين ينقل إلى أهل المريض نبأ إصابة مريضهم بمرض خطير .

أما الأولى فتستهلك من أعصاب الطبيب الشئ الكثير ..
فهو مُطالب برباطة الجأش وسرعة وحُسن التصرف وبالتركيز العالي وترتيب الأفكار وقيادة فريق من الأطباء الأصغر سنا ومن الهيئة التمريضية .. كل ذلك في زمن قياسي تكون الثانية فيه وليس الدقيقة لها ثمن فضلا عن دوره في تهدئة أهل المريض .
فإذا ما وفقه الله في إنقاذ حياة هذا المريض أو المصاب شعر بأنه يلهث كمن خرج لتوه من سباق للماراثون .
ولا يعوض هذا الجهد وذلك الشد العصبي سوى راحة نفسية وشعور بالسعادة يسري في جسده وفرحة في عيون ذوي المريض ودعاء له من القلب .

وأما الثانية فهي لحظة قاسية حين يتأكد الطبيب من تشخيص مرض عضال وخطير ثم يكون عليه أن ينقل ذلك النبأ السئ إلى أهل المريض مُتحملا في ذلك ردة فعلهم والتي تتراوح بين البكاء والصراخ والعويل وبين محاولة الإعتداء عليه في بعض الأحيان !

فمابالكم بهذه الصعاب إذاكان المريض طفلا بريئاً وكان الطبيب طبيب أطفال ..
ففضلا على الصعوبات التي أسلفتها سابقا قإن مشاعر الأبوة التي يشعر بها الطبيب في تلك اللحظات يجعل الأمر أشد قسوة وأكثر صعوبة .

كلما مررت بهذه المواقف وما أكثرها في عملي تذكرت هؤلاء المكتئبون من مصاعب بسيطة صادفتهم في حياتهم وتمنيت لو أنهم شاهدوا دموع أب وأم علي طفل لهم يعاني .

إن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يشعر بها سوى المرضى .
أردت أن أنقل هذه المشاعر الصادقة حتى يحمد الله من لا يحمده ويشكر الله من لا يشكره .

اللهم متعنا بالصحة والعافية ..
وإشف اللهم كل مريض .

الجمعة، 17 يوليو 2009

قتلوها ..أم قتلناها ؟!

حزنت لمقتلها كما حزن الملايين مثلي ..
تألمت وأنا أشاهد دموع والدها ..
شاهدت آلاف المصريين في جنازتها يهتفون " يا ألماني يا خسيس دم المصري مش رخيص " ..

لكنني في غمرة الحزن والألم .. لم أنس حزني علي الأبرياء الذين قُتلوا بدم بارد في غزة وعلى سياح الأقصر الأبرياء ومثلهم من سياح جزيرة بالي وعلى الثلاثة آلاف برئ الذين قُتلوا في 11 سبتمبر في " غزوة مانهاتن " التي مازلنا ندفع ثمنها حتى الآن .

تذكرت دموع أهالي كل هؤلاء الضحايا وأنا أشاهد دموع والد مروة المكلوم .
تذكرت ردود فعل الأمريكان تجاه العرب والمسلمين وأنا أستمع إلى هتافات المصريين في جنازة مروة الشربيني .

إن من ينظر إلى ماحدث لمروة كحادث فردي هو كمن ينظر تحت قدميه فقط فلا يستطيع إستشراف الحقيقة التي أمامه ..
إن مروة الشربيني لن تكون الأخيرة وإنما هي حلقة في سلسلة طويلة لن تنتهي طالما ظل التطرف هو السائد بدلا من لغة الحوار المتحضر .
إنني حقا أتساءل .. هل من قتل مروة هو التطرف الغربي أم التطرف الذي يماررسه البعض منا والذي أدي إلى التطرف من الأطراف الأخرى ؟

أذكر أن جمعتني جلسة ببعض الأصدقاء في اليوم التالي لأحداث 11 سبتمبر الشهيرة .
كان عدد الأصدقاء خمسة وكلهم من المثقفين وذوي المراكز المرموقة وهاجمني معظمهم لأنني أبديت تعاطفا مع أهالي الأبرياء لأنني ببساطة تخيلت ما ذا سيكون شعوري لو كنت واحدا منهم .

هؤلاء الناس هم من يبكون مروة الشربيني اليوم .. وهم من سيبكون في المستقبل على أمثال مروة رحمها الله .
إنهم للأسف يسيرون وراء عواطفهم ولا يفكرون بعقولهم .

إنني في النهاية أتسائل :
من قتل مروة الشربيني ؟
هل قتلوها أم قتلناها ؟!