لو تحدث الناس فقط فيما يعلمون .. لساد الصمت العالم "برنارشو"

السبت، 27 فبراير 2010

لقاء في المطار ..

في مطار القاهرة رأيته قبل سنوات ..

كان يقف مع صديق له أو قريب – لست أدري – في

إنتظار أحد القادمين .

لم يتغير ..

نفس القامة الطويلة والقوام الممشوق

فقط تغير لون ما تبقى من شعره فتحول من الأسود إلى

الفضي ..

نظرت إليه فلم يعرني إنتباها

إقتربت أكثر وعلى وجهي إبتسامة قابلها بإبتسامة شك

تقدمت إليه :

الأستاذ السقا ؟

أيوه

ليس مطلوبا من حضرتك أن تتذكرني أما أنا فلم ولن

إنساك

تغيرت أسارير وجهه من إبتسامة الشك إلى نظرة الترقب

والإهتمام

قلت له :

أنا أحد تلا ميذك

نظر إلي نظرة فاحصة في محاولة لتذكر تلميذه الذي كبر ..

أهلا وسهلا يا إبني

إنفرجت أساريره قبل أن يشد على يدي

قال لصديقه وهو مازال ممسكا بيدي :

شايف ولادي كبروا إزاي ؟

وإنت فين يا إبني دلوقتي ؟

أنا طبيب أطفال .. وذكرت له مكان عملي

تحجرت الدموع في عينيه .. شد على يدي أكثر ثم قبلني

قال بعد أن ترك يدي :

ياسلام يا إبني أنا كنت محتاج قوي النهارده أشوف واحد

زيك

ثم خاطب صديقه :

أصلي اليومين دول مكتئب والدكتور .. معلش ياإبني

إسمك إيه ؟

عاطف

أيوه .. الدكتور عاطف دا ربنا بعتهولي .. خلاني أحس

إني عملت حاجة في حياتي .. أصل أنا يا إبني معنديش

أولادومراتي ربنا إفتكرها وعايش في فراغ فظيع وأنا

على المعاش

قلت :

إزاي يا أستاذ .. دا إنت ولادك كتير قوي وأنا واحد منهم

ربنا يجبر خاطرك ياإبني .. قالها وهو يقاوم دموعه

وصل قريبي الذي كنت أنتظره فقلت لأستاذي :

أنا سعيد إن شفت حضرتك يا أستاذ سقا

أجابني : وأنا سعيد إن لسه في الدنيا وفاء

إنها لحظات لم تكلفني شيئا

كان من الممكن أن أتجاهله في زحمة المطار لكنني لم أفعل

ربما لأنني حين رأيته خفق قلبي لأيام جميلة كانت فيها

المدارس لها سور وباب يغلق بعد أن يدق الجرس

ربما شعرت بالإمتنان لمدرس اللغة الإنجليزية رائع

المستوي عفيف السان

ربما لأنني تذكرت حين رأيته كيف كان للمدرس هيبه قبل

أن"يخصخصوه " في زمننا هذا

ربما لأنني إفتقدت أياما جميلة لم تتلوث فيها آذاننا

بغث الكلام ولا أعيننا بقبح المنظر

إنها لحظة وفاء لم تكلفني شيئا

لكنها كانت لحظة سعادة في حياة رجل مكتئب .

الأحد، 21 فبراير 2010

كفاية ثلاثة يادكتور ..!!

كانا ولا يزالان زوجين متحابين ..

وكانا ولا يزالان مصدر سعادة لمن يزورهما

كلاهما بسيط ومشرق الوجه دائما

رزقهما الله بالطفل الأول ثم الثاني

كلاهما من الذكور

رضيا بما قسم الله

بعد عدة سنوات إشتاقا إلى بنت

رزقا بالطفل الثالث وكان صبيا جميلا

مرت سنوات وقد رضيا بالذكور الثلاثة

سنوات أخرى وإكتشفت الزوجة أنها حامل مرة أخرى

هذة المرة دون تخطيط .. لكنها إرادة الله

إنزعجت .. فجسدها النحيل لا يتحمل أعباءا جديدة قادمة

زاد إنزعاجها – بل قولوا إن شئتم صدمتها – حين أظهر السونار أنها تحمل في أحشائها توأما وأن كليهما من الذكور!

ضاقت بها الدنيا

لم تفق بعد من أعباء تربية ورعاية أبنائها الثلاثة

رغم تدينها إلا أنها – في لحظة ضعف – ذهبت إلى طبيب شاب أنشأ للتو عيادة لأمراض النساء في الحي الذي تسكنه

أفضت إليه بهمها وقلقها على صحتها في القادم من الأيام

قال لها الطبيب الشاب : وماذا تريدين سيدتي ؟

دمعت عيناها قبل أن تجيب : كفاية ثلاثة يا دكتور

سألها : يعني تريدين التخلص من هذا الحمل ؟

لم يطاوعها لسانها لكنها أومأت برأسها علامة الموافقة

قال لها : موعدنا غدا

إنفرجت أساريرها فقد أزاح عنها بقراره السريع أعباء جدل كانت تتوقعه

سألته : الساعة كام غدا يا دكتور ؟

أجابها : فلتأتي في العاشرة صباحا ومعك أبنائك الثلاثة

تعجبت : ولماذا يأتي أبنائي معي ؟!

قال وقد نظر إلى أوراق أمامه : لنختار منهم

- نختار ماذا يا دكتور ؟

- نختار إثنين لنقوم بذبحهم

إنتفضت السيدة واقفة وقد شحب وجهها وتصبب عرقها

- أعوذ بالله يا دكتور .. ماذا تقول ؟!

- إهدئي سيدتي وإستمعي إلي جيدا .. لقد قسم لك الله من الأبناء خمسة

وأنتي تريدين ثلاثة فقط فلماذا قررتي التخلص من الإثنين اللذين في بطنك

وما فرقهما عن الثلاثة الذين هم في الخارج .. اليس من الممكن أن يكونا

أكثر صلاحا وفلاحا ونجاحا من إخوانهم الثلاثة ؟

قالت لنا هذه السيدة وهي تداعب توائمها بينما تروي قصتها :

أحسست أنني كنت أسير في شارع مظلم ثم إصطدمت بعامود فأفقت ..

كانت كلماته – والحديث مازال للسيدة – رغم قسوتها بمثابة زلزال قوي

هزني بعنف لكنه أعاد إلي إيماني وإتزاني اللذين فقدتهما في لحظة ضعف.

سبحان الله ..

أناس لم يرزقهم الله طفلا مستعدون أن يدفعوا كل ما يملكون من أجل سماع بكائه

وآخرون رزقهم الله بأناث دون الذكور ويتمنون ولي العهد

و من رزق بالذكور فقط يتمنى الأنثى

والأعجب أن آخرين رزقوا بالذكر والأنثي ولا يشكرون!

سبحانك ربي ..

إنها والله قصة حقيقية أردت أن أسوقها لما فيها من معان عميقة .

الأربعاء، 17 فبراير 2010

تدوينتي .. رقم مائة

هذه هي التدوينة رقم مائة ..

عبر عام ونصف هو عمر هذه المدونة .

كنت خلال سنوات عمري أدون خواطري ومشاعري وأحيانا

أشعاري عبرأوراق متناثرة أحتفظ ببعضها وتختفي الأخرى

بين تلال الكتب التي تحفل بها مكتبتي ..

إلى أن أوحت لي إبنتي العزيزة بفكرة التدوين التي كنت متخوفا

من إقتحامها في البداية قبل أن تصبح رئتاي التي أتنفس بهما الآن

إلى هذه الإبنة العزيزة أتوجه بباقة شكر وقبلة حب

وبمثلهما أتوجه إلي زوجتي العزيزة قارئتي وناقدتي ومشجعتي

وإلى إبني الحبيب الذي تعلمت منه التعبير عن أعمق الأفكار بأقل

الكلمات .

عرفت عبر المدونة أصدقاءا كثيرين لم أرهم لكنني إرتبطت بأسمائهم

وأصبحت بعد كل تدوينة أنتظر تعليقاتهم الثرية ..إنها صداقة متبادلة

قوامها الإحترام حتي لو تباينتالآراء ..

إليهم حميعا أقول شكرا كما أقولها لكثيرين يقرأون دون أن يكتبوا

تعليقاتهم من أعضاء أسرتي الأكبر ومن أصدقاء العمل وآخرين

خارجه في مصر وخارج مصر.

أتذكر الآن بعض ما كتبت ..

كتبت عن حب مصر الحقيقي وليس حبها فقط في إستاد القاهرة ..

كتبت عن القتلة الجدد من أطباء ومهندسين ومدرسين ..

كتبت عن الطلاق الذي زاد ..

وعن عشوائية المرور ..

وعن صناعة الحقد ..

وعن غربة النفس قبل غربة الوطن ..

وعن مفهوم السعادة ..

وعن الطفل الذي عالجني ..

وعن قصتي مع التوائم الثلاثة ..

وعن بعض ماعلمتني الحياة ..

وعن كثير وكثير وكثير

وإذا كانت دائما الخلاصات تكتب في النهاية .. فخلاصة الأمر

فإنني مدين بكل ما تعلمته من خلق ومبادئ لم تلوثها صعوبات

الحياة بعد فضل الله سبحانه وتعالى إلى أبي وأمي رحمهما الله

فتحية إلى أرواحهم الطاهرة .

ثم في النهاية .. تحية شكر إلى مصدر إلهامي الأول .. الأطفال

الذين أستمد منهم صفاء النفس ويلهمونني قصصا ومشاعر تحتاج

إلى مدونات ومدونات .

شكرا لكم جميعا .

الخميس، 11 فبراير 2010

آه ... أيها الوجه الجميل !!

بعض الناس ينظرون إلى الأشياء نظرة عابرة ثم يمضون إلى حال سبيلهم ..

وقليل هم المتأملون ..

ينظرون إلى الشئ ثم يرون ما حوله ويقرأون ما بين سطوره ثم يتفكرون .

رأيت وجها لرضيع

كان – رغم نومه – يحرك شفتيه الرقيقتين الجميلتين كأنه يرضع ثدي أمه ..

تبسم فجأة وهو نائم فرأيت في وجهه الجميل براءة ونقاءا كعملة نادرة في زمن نعيشه إفتقد البراءة والصفاء ..

قلت لنفسي :

ألم يكن كل المصلحين وكل الطيبين يوما مثل هذا الطفل ؟

ثم ألم يكن كل الأشرار والمجرمين والمفسدين يوما مثله ؟

ما الذي يحدث إذن ؟

أجابني عقلي :

إنه كالورقة البيضاء .. إما أن ينسقها الأبوان ويكتبون فيها أفكارا جميلة بخطوط واضحة وألوان ناصعة

أو يتركونها بيضاء فيعبث بها غيرهم ويملؤنها أفكارا مغلوطة ومعان مشوشة بخطوط غير واضحة وألوان قاتمة .

ثم أمعنت في التأمل :

أليس السبب الرئيسي في كل ما نشاهده ونسمع عنه من جرائم عجيبة وجديدة علينا هو غياب الرسام الماهر والخطاط البارع الذي لم يحسن إستغلال هذة الورقة البيضاء الناصعة والهدية التي أهداها الله لنا .

ألم يحدث كل هذا حين لم يعد الأب أبا ولم تعد الأم أما ؟

قتلتنا ظروف الحياة ومطامحنا ومطامعنا فغاب الأب في الداخل والخارج وتحولت الأم إلى ماكينة..

وكانت الضحية هو هذا المخلوق الجميل الذي يبدو أنه أحس أنني أمعن النظر في وجهه الملائكي ففتح عينيه وكان على وشك البدء في مشروع بكاء لكن إبتسامة الحب التي أرسلتها إليه ردها بأحسن منها ..

كان هذة خواطر وتأملات من وحي هذا الوجه الجميل ..

حقا .. ما أروع التأمل والتفكر والتدبر .

الجمعة، 5 فبراير 2010

فقط .. إنتظروا إسبوعا !!

إلى الذين يقولون :

ما هذه الفرحة العارمة لحصولنا على كأس الأمم الإفريقية للمرة الثالثة على التوالي ؟

ويتساءلون :

هل أخذنا كأسا في النظافة ؟

في محاربة الفساد ؟

في محاربة الإحتكار والغلاء ؟

في تنظيم عشوائية المرور ؟

في القضاء على البطالة ؟

في تعليم جيد والقضاء على الدروس الخصوصية ؟

في توفير مياه شرب صالحة وصرف صحي في القرى ؟

في خدمات صحية تليق بكرامة الإنسان ؟

هل قضينا على العشوائيات ؟

وهل جدو أحق بكل هذه الشقق التي تنهال عليه أم أحق بها أي شاب معدم في العشوائيات لا يجد سقفا يستره هو وأسرته ؟

إلى كل هؤلاء أقول :

إن ما تقولونه حقيقي ومشروع ...

لكن بالله عليكم إنتظروا أسبوعا واحدا ...

لا تفسدوا فرحة شعب لم يفرح منذ زمن

فقط ... إنتظرو أسبوعا واحدا !