إشتريت –قبل أيام قليلة- كتاب" من أوراق السادات " وهو كتاب يضم مذكرات الرئيس الراحل وجزءا كبيرا من تاريخ مصر الحديث قام بصياغته الأستاذ أنيس منصور ..
والكتاب من القطع الكبير "أي أن صفحاته كبيرة الحجم " ويتجاوز عددها الخمسمائة صفحة وثمن الكتاب 35 جنيها ...
في نفس المكتبة وفي نفس اللحظة وجدت مجموعة كبيرة من الكتب في حجم كتب الجيب لا يتجاوز عدد صفحاتها المائة صفحة وهي مجرد خواطر وقفشات مكتوبة بلغة تجعلك تترحم على لغتنا الجميلة .. أما ثمن الكتاب فيتراوح بين 20 إلى 40 جنيها.
وقفت – وأنا في حيرة من أمري – أحاول أن أفهم ما يجري !
ما الذي يحدد سعر الكتاب ؟
هل هو عدد الصفحات أم حجم الصفحات أم المحتوى أم المؤلف ؟
لو كان الأمر كذلك فإن المسألة تكون محسومة لصالح الكتاب الأول وسعره يجب أن يكون عشرة أمثال الكتاب الثاني على الأقل .
لا .. إنه العرض والطلب .. نعم وتلك هي مصيبتنا الثقافية الكبرى
العرض والطلب .. الذي جعل كتابا مثل " متاعب الزواج " للراحل العظيم الدكتور عادل صادق عن تجربته في عيادته النفسيه مع عشرات القصص الحقيقية والتعليق عليها بأسلوب علمي مشوق في حوالي 400 صفحة يباع بخمسة عشر جنيها بينما تباع أصغر مجلة فنية تهتم بقدم الراقصة التي إلتوت وهي ترقص .. تباع بعشرين جنيها
ذكرني هذا الموقف بكتاب المشير الجمسي مهندس حرب أكتوبر رحمه الله والذي يؤرخ فيه للحرب في حوالي السبعمائة صفحة .. إشتريت هذا الكتاب منذ سنوات قليلة وكان ثمنه 17 جنيها في نفس الوقت الذي كانت تباع فيه كتب لا تساوي الحبر الذي كتبت به بثلاثين وأربعين جنيها .
نعم إنه العرض والطلب الذي يجعل سعر السي دي الغنائي لعباقرة الفن الجميل 10 جنيهات بينما سعره لأي مطرب حديث 35 جنيها
إذن هذا هو الطلب ..
هذا ما يهتم به الشباب والفتيات
لماذا نستغرب إذن من إنهيار المستوي الثفافي واللغوي وما تبعه من إنهيار للقيم ؟
هل ننضم جميعا إلى القافلة –بل القطيع – ونكبر دماغنا ؟!
هناك 5 تعليقات:
الحقيقة يادكتور أن الكتب كلها أصبحت مرتفعة الثمن جدا - بغض النظر اذا كانت جيدة أو سيئة - ولاأعتقد أن لها علاقة بالعرض والطلب - يعنى سفينة نوح لخالد الخميسى مثلا منذ صدورها فى الصيف الماضى وكان ثمنها 42 ج وللان الطبعة الثالثة بنفس السعر - وليه السعر 42 مش 40 ولا 45 مش فاهمة والسعر باهظ على الكتاب - ومنذ شهر وجدت كتاب الكوميديا الالهية لدانتى ولانى كنت قرأت جزء كبير منه وأنا فى الجامعة فرغبت فى شرائه بشدة لانه من الكنوز ووجدته ب230 ج لانه مجلد!!
وأعتقد أن سعر الكتاب يعتمد على دار النشر وجودة الطباعة والورق والافضل الانتظار للمعرض :) ومبروك عليك الكتاب
بس هى فين السى دى هات الى ب 10 ج ديه قول لى فين ؟؟؟
أذكر أنني, منذ ثلاثة أعوام فحسب, إشتريت كتاب "حياة محمد" للكاتب الراحل محمد حسين هيكل بعشرة جنيهات فقط. فهذا هو العرض والطلب, الذي يفضح الخلل في أولوياتنا وإهتمامتنا.
معك حق انه قانون العرض والطلب وهو ما يعبر عن حالنا وانقلاب الموازين في كل امورنا ثقافة وفن ورياضة وغيرها اختلطت الامور ولم يعد المعيار هو الجودة وانما احينا الهيافة هي طريق النجاح
مهي كل حاجة في حياتنا بقت مقلوبة اشمعنى دي اللي هتنعدل
الهيافه والقفشات هي التي اصبح لها ثمن بينما الفكرالمفيدو الشعر والادب بلا ثمن
فمرحبا بالهيافة!!
حزنت كثيرا بعد قراءة موضوعك هذا والمقارنات التي ذكرتها، والتي هي حقيقية للأسف. إنهيار الثقافة لم يأت بين عشية وضحاها. ثقافتنا بدأت الشروخ تدب فيها منذ عقود خلت. ما زلت أذكر عندما كنت أذهب إلى مكتبات هيئة الكتاب ودار المعارف، وكنت وقتها طفلا صغيرا، كان عدد من هم يتواجدون بداخلهم من الزبائن، تستطيع أن تعده على أصابع يديك. حزني الأكبر هو على لغتنا التي غزتها، بل لن أبالغ إن قلت إغتالتها العامية الفجة، ناهيك عن الكلمات الأجنبية، التي أغلبنا يرددها دون حتى معرفة معناها.
إرسال تعليق