لو تحدث الناس فقط فيما يعلمون .. لساد الصمت العالم "برنارشو"

الأحد، 19 أكتوبر 2008

الطفل الذي .. عالجني !!

أتت به أُمه إلي كي أعالجه ..
كان طفلاً في الشهر السابع من عمره يعاني من سعال .

كنت في هذا اليوم قد إستيقظت مهموماً بلا سبب مباشر وهي حالة تصيبنا أحياناً نتيجة إضطراب كيمياء المخ إذا لم نأخذ قسطا وافراً من النوم أو كان النوم متقطعاً .

وضعت الأم طفلها على سرير الفحص .. ما أن هممت بفحصه حتى إلتقت عينانا .. نظر إلي نظرة خوف ما لبثت أن تحولت إلى نظرة إطمئنان .. إبتسمت له فضحك ضحكة جميلة لا أنساها .. إبتسمت مرة أخرى وأنا أضع السماعة على صدره الرقيق فضحك ضحكة أجمل من الأولى ثم بدأ يحرك يداه وقدماه في إبتهاج وسعادة .

بدأت تسري داخلي شحنة من المشاعر السعيدة لتمسح هم ذلك الصباح .

سرح فكري وأخذت أتأمل براءته .. هذا الوجه الجميل الذي لا يشعر بما حوله من مشاكل العالم ..
هذا الرأس الصغير الذي لم يتلوث بالحقد والحسد والطمع والتناحر .. هاتان اليدان الناعمتان اللتان لم تسرقا أو تبطشا .. هذا اللسان الذي لا ينطق إلا بحروف أعذب من الموسيقى ولم يتحول بعد إلى آلة وماكينة للذنوب .. هاتان القدمان اللتان لم تذهبا إلى مايغضب الله ..هذا القلب الذي ينبض في رقة ولا يضمر شراً لأحد ..

أفقت على سؤال الأم : خير يا دكتور طمني .
طمأنتها ووصفت له العلاج .
ودعتهما بابتسامة وإنصرفا .

قلت لنفسي .. تُرى من منا عالج الآخر ؟
هل عالجت أنا هذا الطفل من السعال ؟
أم هذه الضحكة البريئة الرائعة هي التي أيقظت الطفل الذي في داخلي فأذهبت همي ؟

شكراً أيها الطبيب الصغير ..

هناك 5 تعليقات:

Sahar يقول...

This is one of the best posts you have ever written! Your wonderful description of the young child enabled the reader to truly visualize what he looks like. And your description of the feelings you felt when you looked at him, made us view the whole situation from your perspective. Although your job is very hard as a pediatrition, you are lucky to have a chance to be exposed to such innocense from children everyday. Amazing post masha Allah

Omaima يقول...

جعلتني أغبطك على نوعية عملك التي تتيح لك، رغم صعوبتها، التعامل مع الجانب الإنساني في الحياة. ولكن من المؤكد أن نظرتك العميقة للأمور وإحساسك الرفيع هو ما جعلك نرى الجانب الجميل في الأشياء العادية

مصطفى محمود يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بصراحة هو موقف مؤثر فعلا !!

الأطفال فيهم طاقة غريبة بتضعف اللي قدامهم
انا مش عايز اتفلسف بس هي حاجة زي فيلم شركة المرعبين المحدودة والبت بو كده ههههههه

بحيي حضرتك على أسلوبك الجميل والمعبر .
حضرتك خلينا نحس بالموقف كأننا كنا معاك بالظبط

تحيتي ,,,

غير معرف يقول...

أعجبني جدا اسلوب السرد
لغة قوية
مشاعر فياضة
صورة نكاد نراها شاخصة أمام أعيننا

أشكرك على الفكرة البسيطة في قصتك
فقد أعجبتني كثيرا
تقبل مروري

أحمد سعيد بسيوني يقول...

جميل جدا انت يا دكتور والله